لا يمر يوم إلا ويسقط العشرات وربما المئات من الشهداء على الأراضي الفلسطينية، واللبنانية في عمليات الإبادة التي يرتكبها العدو الصهيوني في غزة وضواحيها وفي جنوب لبنان وسط صمت عالمي غير مسبوق، لتصبح رائحة الموت هي المسيطرة في أرجاء غزة، والذي يطارد كل شيء حي يسير على الأرض.
الأرقام مزعجة فخلال 392 يوما من عمليات الإبادة المتعمدة من الكيان الصهيوني وجيشه النازي وبغطاء ودعم أمريكي مفضوح، سقط - حتى كتابة هذه السطور – 43260 شهيدا وما يزيد عن 101830 مصابا، ونزوح سكان غزة بلا استثناء داخل القطاع.
ولأن الكيان الصهيوني هو كيان لقيط وعصابة تمكنت من أرض فلسطين، يسعى بكل الوسائل ليغطي عوراته، وعدم كشف الحقيقة، في محاولات للتغطية على جرائمه، ويتبع في ذلك قتل واغتيال ناقلي الحقيقة مهما كانت، ومطاردة كل وسائل الإعلام من صحفيين ومصورين وحتى من ينقل الحقيقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، هذا بخلاف الكذب الإعلامي في كل ما يصدر عن حكومة الكيان الصهيوني والجيش، فيما يتعلق بالخسائر والقتلى من صهاينة الجيش الملعون، وفي أرجاء الأراضي المحتلة.
الأرقام الرسمية تؤكد أن استهداف الصحفيين بغزة سياسة صهيونية ممنهجة للتغطية على جرائم الكيان المحتل، وسط صمت ودون أي عقاب لجرائم كيان مغتصب لكل الحقوق، ووفقا لمكتب الإعلام الحكومي في غزة فقد ارتفع عدد الشهداء الصحفيين في القطاع إلى 183 منذ بداية العدوان الإسرائيلي، أي بمعدل اغتيال صحفي كل ما يقارب (4.7) أيام، وهو ما تجاوز التقدير الأممي بمقتل صحفي كل 4 أيام.
ويدرك الكيان الصهيوني خطورة الكلمة والصورة في كشف جرائمه اليومية، ولهذا فأسلحته يوجهها إلى من ينقل عمليات الإبادة التي يرتكبها، ليظل يقتل ويبيد في الظلام، ظنا منه أنه ستظل جرائمه بعيدا عن عيون العالم، وهذا وهّم كبير، فكل الناس تحت الحصار والتجويع تحولوا لصوت مسموع ومرئي ومكتوب بنقل كل جرائم هذا العدو.
ولإدراك الأمين العام للأمم المتحدة، "أنطونيو جوتيريش" والذي تبنى فضح الصهيونية منذ اللحظة الأولى، خطورة أفعال العدو الصهيوني، فقد وجه رسالة إلى ندوة دولية للإعلام في مكتب الأمم المتحدة بجنيف، يوم الجمعة 1 نوفمبر قال فيها "إن استهداف الجيش الإسرائيلي للصحفيين في غزة "أمر غير مقبول"، ودعا إلى حمايتهم من الإبادة الجماعية التي يرتكبها "الجيش الصهيوني" في القطاع الفلسطيني.
وفي معلومات مهمة تكشف عن خشية كل الأنظمة على غرار "الكيان الصهيوني" من الصحافة، فقد قالت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، في تقرير يوم السبت 2 نوفمبر 2024، بمناسبة "اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على هذه الجرائم": إن الغالبية العظمى من جرائم قتل الصحفيين لا تزال بلا عقاب في العالم"، وقد أوضحت المديرة العامة لليونسكو، "أودري أزولاي"، في التقرير الذي أعدته، "خلال عامي 2022 و2023، قُتل صحفي كل أربعة أيام لمجرد تأديته عمله الأساسي في البحث عن الحقيقة، مؤكدة: "في معظم الحالات، لم يُحاسَب أحد على عمليات القتل هذه"
نفس النهج مستمر وعلى أيدي الصهاينة، حيث يسعى الكيان إلى إنكار جرائمه، والتي يرتكبها جهارا نهارا، وطبعا لا تفرق بين مدني وعسكري وصحفي، مرتكبا هو الجرائم ومنتهكا كل الأعراف الدولية.
وطائرات وقنابل دبابات ومسيّرات الصهاينة تطول كل شيء، وهو ما كشفه الصحفيون، فمن بين الشهداء في غزة خلال 392 يومًا، 17210 أطفال، و11742 من النساء، و2421 مسنا، و496 من هيئات التعليم في مدارسهم، وأكثر من 10 آلاف مفقود، بينهم 4700 طفل وسيدة.
ولا تتوقف جرائم الصهاينة عند غزة فهي الآن تمتد إلى لبنان، وأياديهم ملطخة بدماء أهل الضفة الغربية، فقد سقط فيها 770 شهيدا، منهم 166 طفلا، ومن موظفي الأونروا 303 شهداء، ومن الدفاع المدني 83 شهيدا.
ويبدو أن تاريخ مطاردة الصحفيين يمثل جرائم في كل مكان فوفقا لإحصائيات "اليونسكو" فإن 85% من جرائم قتل الصحفيين من عام 2006 تُعتبر بلا حل، وفي مواجهة "معدل الإفلات من العقاب" المرتفع جدا، ولهذا جاءت دعوتها لدول العالم إلى "زيادة جهودها في شكل كبير"، لمعاقبة هذ الجرائم، فخلال عامي 2022-2023 تم قُتل 162 صحفياً خلال فترة العامين التي غطاها تقرير اليونسكو، وحدث نصف هذه الوفيات في بلدان تشهد نزاعات مسلحة، مقارنة بنسبة 38% خلال فترة العامين 2020 و2021.
ويسعى الكيان الصهيوني لطمس الحقائق بتوجيه نيرانه إلى من يكشف جرائمه وهذه الاعداد الضخمة من الضحايا، بقتل 183 صحفيًا، إلا أن كل صحفي يموت يظهر العشرات بعده، لكشف الحقائق التي لن تموت، وسيظل هناك من يواصل تعرية عورات الصهيونية البغيضة ومن يقف وراءها.
-----------------------------
بقلم: محمود الحضري